- موسيري يؤكد أن ميتا لا تستخدم ميكروفون الهاتف للتجسس على المستخدمين.
- الجمهور يرد بسخرية ويشكك في تصريحات رئيس انستجرام.
- إعلان ميتا عن استغلال بيانات الذكاء الاصطناعي يفاقم المخاوف.
- أزمة الخصوصية الرقمية تتعمق مع دقة الإعلانات الموجهة.
شهدت منصات ميتا حدثًا مزدوجًا لفت الأنظار في الأول من أكتوبر 2025. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الشركة أنها ستستخدم قريبًا محادثات الذكاء الاصطناعي لتخصيص الإعلانات بشكل أكثر دقة، ظهر رئيس انستجرام آدم موسيري في فيديو قصير وصفه البعض بأنه محاولة لاحتواء أزمة متصاعدة.
تحدث موسيري مباشرة إلى الجمهور ليؤكد أن ميتا لا تستخدم ميكروفون الهاتف للتنصت على المستخدمين، وهو موضوع أثار جدلًا واسعًا منذ سنوات طويلة.
اتهامات قديمة لا تختفي
تعود جذور هذا الجدل إلى منتصف العقد الماضي. ففي عام 2016 خرجت فيسبوك ببيان رسمي قالت فيه إنها لا تعتمد على الميكروفون لتوجيه الإعلانات أو لتغيير محتوى صفحة الأخبار.
وبعدها بعامين، مثل مارك زوكربيرغ أمام مجلس الشيوخ الأمريكي حيث طُرح عليه السؤال مباشرة، فأجاب بكلمة واحدة حاسمة: لا.
كما نشرت الشركة وثائق دعم على صفحاتها الرسمية أكدت فيها أن استخدام الميكروفون يتم فقط بعد موافقة المستخدم، وأن هذا الاستخدام مرتبط بتطبيقات واضحة مثل تسجيل مقاطع الفيديو أو الاتصال الصوتي.
موسيري يواجه الشكوك
في الفيديو الأخير بدا موسيري حريصًا على طمأنة الجمهور. فقد قال إن فكرة التنصت عبر الميكروفون تمثل انتهاكًا صريحًا للخصوصية، وإنها غير عملية حتى من الناحية التقنية، لأنها ستؤدي إلى استنزاف البطارية بسرعة غير منطقية.
كما أضاف أنه شخصيًا خاض محادثات عديدة حول هذه الشائعة، ليس فقط مع زملائه في العمل بل حتى مع زوجته التي طرحت عليه تساؤلات مشابهة. وحرص موسيري على أن يظهر بشكل هادئ ومباشر، مستخدمًا لغة أقرب إلى الحديث اليومي من الخطاب الرسمي.
تفسيرات موسيري لظهور الإعلانات
قدم موسيري أربعة تفسيرات رئيسية لمحاولة توضيح سبب ظهور إعلان عن منتج ما بعد التحدث عنه مع الأصدقاء. أشار أولًا إلى أن المستخدم قد يكون بحث سابقًا عن المنتج أو ضغط على رابط متعلق به، وهو ما يتيح للمعلنين إعادة استهدافه بالإعلانات.
ثم أوضح أن النظام الإعلاني يعتمد أيضًا على اهتمامات الأصدقاء والأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة، ما يجعل الحديث عن منتج معين متزامنًا مع ظهوره في الإعلانات بشكل طبيعي.
أما الاحتمال الثالث فقد ربطه بالذاكرة غير الواعية للمستخدم، حيث قد يكون شاهد الإعلان بالفعل قبل أن يتحدث عنه، لكن سرعة التصفح تجعله لا يلاحظ ذلك بوعي كامل. وأخيرًا ذكر موسيري أن الصدفة البحتة تظل واردة في بعض الحالات.
الجمهور يرد بسخرية وشك
لم تمر تصريحات موسيري دون رد فعل قوي من الجمهور. فقد امتلأت خانة التعليقات بآلاف الرسائل التي عبر كثير منها عن عدم اقتناع أو عن سخرية واضحة.
أبرز التعليقات التي لاقت إعجابات واسعة قال صاحبه إن ما ذكره موسيري هو بالضبط ما قد يقوله أي شخص إذا كان يتنصت بالفعل. وعكست هذه التعليقات حالة من فقدان الثقة بين المستخدمين والشركة، إذ لم يعد الناس يكتفون بالتصريحات الرسمية مهما بدت منطقية.
العلاقة المأزومة مع الخصوصية
كشفت هذه القضية عن جانب أعمق من التوتر بين ميتا وجمهورها. فبينما تؤكد الشركة التزامها بحماية الخصوصية، يواجه المستخدمون يوميًا تجارب تجعلهم يعتقدون العكس.
فالإعلانات التي تظهر لهم كثيرًا ما تبدو مرتبطة بأحاديث شخصية، حتى عندما لم يجرِ أي بحث أو استخدام مباشر للهاتف. وهذه الفجوة بين الوعود الرسمية والتجربة الواقعية تعمق شعور الناس بأن بياناتهم تُستغل بطرق لا يفهمونها، وهو ما يجعل ميتا في موقف دفاعي متكرر.
دور الذكاء الاصطناعي في زيادة الشكوك
تزامن نشر الفيديو مع إعلان الشركة عن استخدام محادثات الذكاء الاصطناعي لتخصيص الإعلانات جعل الأمور أكثر تعقيدًا. فبينما رغب موسيري في طمأنة المستخدمين، جاء خبر استغلال المحادثات كعامل إضافي يغذي الشكوك.
أصبح السؤال المطروح ليس فقط ما إذا كانت الشركة تتنصت عبر الميكروفون، بل كيف ستُستخدم بيانات الذكاء الاصطناعي في رسم صورة تفصيلية عن اهتمامات كل فرد. وقد أضافت هذه المخاوف طبقة جديدة من القلق حول مستقبل الخصوصية الرقمية.
إدراك بعدم الاقناع الكامل
اعترف موسيري بنفسه في نهاية الفيديو بأن بعض الناس لن يقتنعوا مهما حاول الشرح والتوضيح. وقد أظهر هذا الاعتراف وعيًا داخليًا بأن الشائعة متجذرة ولن تختفي بسهولة، وأن ثقة المستخدمين لا يمكن استعادتها عبر مقطع قصير على انستجرام. فيما بدا الأمر أشبه بمحاولة لتقليل الضرر أكثر من كونه حسمًا للجدل.
أعاد هذا الجدل التأكيد على أن موضوع الخصوصية في عالم التقنية لن ينتهي قريبًا. فالمستخدمون يعيشون في بيئة رقمية تتداخل فيها خوارزميات الإعلانات مع حياتهم اليومية إلى درجة تجعل الحدود بين الواقع الافتراضي والواقع الشخصي غير واضحة.
وكلما تقدمت أدوات الذكاء الاصطناعي ازدادت المخاوف من أن تتحول البيانات إلى سلعة دقيقة تتحكم في اختيارات الناس من دون وعيهم الكامل.
غير أن الشركات ستظل مُطالَبة بتقديم تفسيرات متكررة، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه التفسيرات ستعيد الثقة فعلًا، أم أن الشك سيبقى جزءًا من العلاقة الدائمة بين المستخدم والإنترنت.
?xml>