- كوالكوم تواجه دعوى جماعية في لندن بقيمة 647 مليون دولار بسبب رسوم الرقائق.
- جمعية «?Which» اتهمت كوالكوم بإساءة استخدام موقعها المهيمن وفرض رسوم ترخيص مرتفعة.
- الشركة دافعت بأن تراخيصها معيارية وضمان لاستخدام تقنيات الاتصال العالمية.
- نتيجة القضية قد تعيد تشكيل قواعد الترخيص في صناعة الرقائق عالمياً.
واجهت شركة كوالكوم الأمريكية دعوى قضائية جماعية بلغت قيمتها نحو 480 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 647 مليون دولار، أمام محكمة بريطانية، بعد اتهامها بإساءة استخدام موقعها المهيمن في سوق رقائق الهواتف الذكية.
جاءت الدعوى من جمعية المستهلكين البريطانية المعروفة باسم «?Which»، التي أكدت أن الشركة فرضت رسوما مبالغًا فيها على شركات مثل آبل وسامسونج، ما أدى إلى رفع أسعار الأجهزة للمستهلكين منذ عام 2015.
انطلقت القضية في العاصمة البريطانية لندن أمام محكمة الاستئناف المتخصصة في قضايا المنافسة، وسط اهتمام واسع من وسائل الإعلام والمستهلكين على حد سواء.
فقد مثلت هذه القضية اختبارًا مهمًا لمدى قدرة القوانين البريطانية على مواجهة ممارسات الاحتكار في عالم التكنولوجيا.
خلفية القضية وأطرافها
أوضحت جمعية «?Which» أن نحو 29 مليون مستهلك في المملكة المتحدة ممن اشتروا أجهزة آيفون أو هواتف سامسونج خلال السنوات العشر الأخيرة قد يكونون مؤهلين للحصول على تعويضات إذا أثبتت المحكمة مسؤولية كوالكوم.
وقال محامو الجمعية إن الشركة أجبرت المصنعين على دفع رسوم ترخيص مرتفعة مقابل استخدام تقنياتها، حتى في الحالات التي لم تُستخدم فيها رقائقها داخل الأجهزة.
اعتمدت كوالكوم على ما يُعرف بسياسة لا ترخيص، لا رقائق، وهي اتفاقية عالمية تُلزم المصنعين بالحصول على تراخيص من الشركة قبل شراء شرائحها.
وقد رأت «?Which» أن هذه السياسة تحولت إلى ضريبة خاصة غير معلنة، فرضتها كوالكوم على قطاع صناعة الهواتف، ما زاد من أرباحها بشكل غير عادل وأدى إلى ارتفاع أسعار الأجهزة للمستهلك النهائي.
دفاع كوالكوم عن ممارساتها
دافعت كوالكوم بقوة عن موقفها القانوني والتجاري، واعتبرت أن الدعوى تعتمد على تفسير خاطئ لطبيعة اتفاقياتها مع الشركات المصنعة.
وأكدت أن تراخيصها للبراءات الأساسية معيارية في الصناعة، وأنها ضرورية لضمان استخدام تقنيات الاتصال العالمية مثل الجيل الرابع والخامس.
ورفض محامو كوالكوم ما وصفوه بمحاولة تصوير الشركة كمحتكر، مشيرين إلى أن آبل وسامسونج تمتلكان قوة شرائية هائلة، وتمكنتا من التفاوض بشروط مناسبة لهما في كل العقود السابقة.
وأكدوا أن نموذج العمل الذي تتبعه الشركة معترف به عالميًا، ويعتمد عليه معظم منتجي الرقائق والمعدات التقنية حول العالم.
التفاصيل القانونية لمحاكمة كوالكوم
من المقرر أن تستمر جلسات المحاكمة في محكمة المنافسة البريطانية لمدة خمسة أسابيع، حيث ستنظر الهيئة القضائية في مدى مسؤولية كوالكوم تجاه المستهلكين البريطانيين.
وإذا ثبتت مسؤوليتها، ستُعقد جلسات لاحقة لتحديد قيمة التعويضات التي قد تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات.
وشهدت الجلسة الأولى عرضًا لوثائق قانونية مفصلة من جانب محامي «?Which» الذين أكدوا أن الشركة الأمريكية جنت أرباحًا استثنائية على حساب المستخدمين.
وأوضحوا أن الرسوم المفروضة لم ترتبط بعدد الرقائق المباعة أو قيمتها، بل كانت أشبه بنسبة مئوية مفروضة على سعر الهاتف بالكامل، حتى عندما استخدم المصنعون رقائق من موردين آخرين.
سوابق قانونية مشابهة
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها كوالكوم اتهامات تتعلق بالاحتكار أو الرسوم المبالغ فيها.
ففي عام 2023، شهدت كاليفورنيا قضية مشابهة رفعتها مجموعة من المستهلكين الأمريكيين تتهم الشركة نفسها بممارسات احتكارية في اتفاقياتها مع آبل ومصنعي الهواتف الآخرين.
غير أن المحكمة الأمريكية رفضت تلك الدعوى في نهاية المطاف، معتبرة أن الأدلة المقدمة لم تكن كافية لإثبات وجود إساءة واضحة. ويعكس هذا التاريخ القانوني المتكرر تعقيد العلاقة بين شركات التقنية الكبرى وشبكات الموردين والمصنعين.
فبينما تعتبر كوالكوم نفسها مبتكرًا يحمي استثماراته في البحث والتطوير، يرى منتقدوها أنها تستخدم براءاتها كأداة ضغط مالية تقيد المنافسة وتزيد تكاليف السوق.
مستقبل صناعة الرقائق
قد تشكل نتائج هذه القضية نقطة تحول في صناعة الرقائق والاتصالات إذا أدانت المحكمة كوالكوم؛ إذ سيُعاد النظر في الطريقة التي تُحتسب بها رسوم الترخيص، وربما تُفرض قيود جديدة على الشركات الكبرى التي تمتلك براءات أساسية.
كما ستفتح الباب أمام دعاوى مشابهة في أوروبا وآسيا، حيث تتزايد الدعوات إلى الحد من نفوذ الشركات الأمريكية في سلاسل التوريد العالمية.
وفي المقابل، إذا نجحت كوالكوم في الدفاع عن نموذجها، فسوف تعزز هذه النتيجة مكانتها كشركة تقود الابتكار في تقنيات الاتصال، وتؤكد أن تراخيصها تمثل ضمانة للمعايير الدولية لا وسيلة لاحتكار السوق.
وبين هذين السيناريوهين، يبقى المستهلك هو الطرف الأكثر تأثرًا بما ستقرره المحكمة في لندن خلال الأسابيع المقبلة.
?xml>