- نموذج Sora 2 من OpenAI يُحدث ثورة في تحويل النص إلى فيديو بالذكاء الاصطناعي.
- التقنية تولّد مقاطع واقعية بدقة 1080p عبر الدمج بين النماذج اللغوية والبصرية.
- الجدل يتصاعد حول حقوق النشر والاستخدام الأخلاقي للفيديوهات المولدة.
- OpenAI تَعِدُ بأدوات حماية ومشاركة عوائد للمبدعين في الفترة القادمة.
في لحظةٍ انتظرها المُهتمون بالتقنية حول العالم، اعتلت شركة OpenAI منصة مؤتمرها السنوي لتكشف عن نموذج Sora 2 الجديد الذي يُحوِّل النصوص إلى مقاطع فيديو نابضة بالحركة. إنه التحول الأكبر في مسار تحويل النص إلى فيديو بالذكاء الاصطناعي، وبينما ضجَّت القاعات بالتصفيق، كان سؤال آخر يتردّد في الخلفية: إلى أي مدى يمكن لهذا السحر أن يبقى آمنًا وعادلًا؟
اقرأ أيضًا: ملخص مؤتمر DevDay 2025 | أهم ما كشفت عنه OpenAI في مؤتمر المطورين
ما هو Sora 2؟ ولماذا يُعدّ نقطة تحوّل
تقول شركة OpenAI إن Sora 2 قادر على توليد فيديوهات بدقة عالية تصل إلى 1080p، وبطول يصل إلى نحو 20 ثانية، بالاعتماد على أوصاف نصية يكتبها المستخدم. تستخدم التقنية مزيجًا من نموذج «الانتشار» (Diffusion) و«المحوّل» (Transformer)، حيث يبدأ النظام من التشويش ليبني تدريجيًا المشهد الكامل مع الحفاظ على منطق الحركة عبر الزمن.
الأمر لا يتوقف هنا، فالنموذج يستخدم ما يُعرف بـ «إعادة الوصف» (recaptioning)، أي أنه يُعيد صياغة النص الأصلي بشكل أكثر تفصيلًا قبل أن يبدأ عملية التوليد، ما يمنحه قدرة أكبر على فهم المشاهد والسياقات.
هذا الدمج بين الدقة البصرية والفهم اللغوي هو ما يجعل Sora 2 مُختلفًا عن أي تجربة سابقة في مجال توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي.
وخلال الأسبوع الأول فقط من إطلاقه، تجاوز تطبيق Sora 2 حاجز المليون تحميل، مُحتلًا المرتبة الأولى في متجر آبل، وهو إنجاز يعكس شغف المستخدمين بالتجربة الجديدة رغم الجدل الذي يُحيط بها.
الجدل يشتعل: من الإبداع إلى حقوق النشر
مع إطلاق Sora 2 رسميًا في خريف 2025، اشتعل الجدل من جديد، فقد بدأت الشركة بسياسة مُثيرة للجدل تسمح مؤقتًا باستخدام شخصيات وأعمال محمية بحقوق النشر ما لم يعترض أصحابها، وهو ما وصفه مُراقبون بأنه مُخاطرة غير مسبوقة في عالم الذكاء الاصطناعي.
وفي خطوة لاحقة، وجّهت وكالة المواهب الأميركية الشهيرة CAA تحذيرًا من أن تقنية Sora قد تهدّد حقوق المبدعين في هوليوود، مُطالبةً بضمانات واضحة للتعويض والتحكّم في استخدام الأعمال الفنية.
سرعان ما ظهرت أمثلة غريبة: فيديوهات تجمع بين شخصيات كرتونية في مواقف سياسية أو مشاهد غير لائقة، ما أثار موجة انتقادات واسعة. تحت الضغط، أعلن سام ألتمان تراجع الشركة عن هذه السياسة، مؤكدًا أن صُنّاع المحتوى سيحصلون على أدوات للتحكم الدقيق في استخدام أعمالهم، وربما مُشاركة في الإيرادات لاحقًا.
فعّلت OpenAI أداة «الانسحاب» (Opt-out) التي تتيح لمالكي الحقوق اختيار منع استخدام أعمالهم داخل النظام، في محاولة لتخفيف التوتر القانوني المتصاعد، لكنّ كثيرين اعتبروا أن هذه الوعود لا تزال غامضة وأن أدوات الحماية قد لا تكفي لمنع الانتهاكات، خصوصًا مع سهولة إزالة العلامات المائية التي تميّز الفيديوهات المولَّدة.
الوجه المُزدوج للتقنية
كما يقال: “النار التي تطهو طعامك قد تحرقك إن لم تحسن استعمالها.” فـ Sora 2 يفتح أبوابًا واسعة للإبداع، لكنه يثير أيضًا مخاوف حقيقية:
- إبداع بلا قيود: يمكن لأي شخص أن يحوّل فكرة مكتوبة إلى مشهد سينمائي دون معدات تصوير أو خبرة إنتاج.
- احتمال التضليل: قد تُستخدم الفيديوهات فائقة الواقعية لنشر أخبار مُزيفة أو تشويه سُمعة أشخاص حقيقيين.
- قضايا الملكية الفكرية: من يملك الحق في استخدام ملامح شخص أو رموز ثقافية في فيديو مولّد؟
- فرص جديدة للمبدعين: قد تفتح OpenAI الباب أمام نظام لتقاسم العوائد مع الفنانين الذين يسمحون باستخدام أعمالهم.
تشير التقارير التقنية أيضًا إلى أن الشركة تختبر نسخة خفيفة تعمل مُباشرةً على الهواتف، والذي يعني أن هذه القدرات الهائلة قد تصبح في جيب كل مستخدم قريبًا، وهذه الخطوة قد تجعل تحويل النص إلى فيديو بالذكاء الاصطناعي مُتاحًا للجميع في أي وقت وأي مكان.
إلى أين يمضي المشهد؟
يشبّه بعض الخبراء هذا التحوّل بما حدث عند اختراع الكاميرا أول مرة: حين شككّ الناس في الصورة لأنها “تجمد الحقيقة”، واليوم نشكك في الفيديو لأنه قد “يخلقها من العدم”. الفارق أن وتيرة التغيير أسرع وتأثيره أوسع.
قد لا يكون Sora 2 مجرد أداة لصناعة الفيديو، بل مرآة تعكس علاقتنا المُعقّدة بالإبداع والملكية والصدق البصري. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سيمنحنا هذا النموذج وسيلة جديدة للتعبير، أم سيضيف فصلًا آخر في معركة الإنسان مع واقعه الرقمي؟
?xml>