التكنولوجيا

“يانصيب السيليكون”: كيف تحدد جودة السيليكون المُستخدم في معالجك؟

"يانصيب السيليكون": كيف تحدد جودة السيليكون المُستخدم في معالجك؟

إذا كنت من عشاق الهاردوير مثلنا، فعلى الأرجح أنك سمعت من قبل بمصطلح “يانصيب السيليكون” في أحد مجموعات أو منتديات الحاسوب، التي يعقبها عادةً شكوى في كسر السرعة “Overclocking” أو خفض الجهد “Undervolting” لوحدة المعالجة المركزية “CPU” أو الرسومية “GPU”.

أما إذا كان مصطلح يانصيب السيليكون جديدًا عليك، فهو يشير للخصائص المادية للسيليكون المُستخدم في صناعة مكونات مثل المعالج وكارت الشاشة، الذي يؤثر على أداء هذه المكونات. في هذه المقالة، نسلط الضوء على مصطلح يانصيب السيليكون، وأهميته، وطريقة تحديد جودة السيليكون.

“يانصيب السيليكون” – حتى السيليكون لم يسلم من الحظ!

رقاقة بتقنية Intel 18A – المصدر: Intel

تبدأ كل شريحة سيليكون – مثل المعالج – حياتها بالطريقة نفسها؛ إذ تُقتطع من قطعة كبيرة تُعرف باسم الرقاقة (Wafer). تُقسَّم هذه الرقاقة إلى وحدات صغيرة تُسمّى أنوية السيليكون (Dies)، ثم تُخضع كل نواة لاختبارات دقيقة لتحديد أدائها وجودتها، قبل تصنيفها ضمن فئات مختلفة بحسب قدرتها على العمل في سرعات معينة أو مستويات استقرار محددة.

يُعرف هذا التفاوت الطبيعي في أداء أنوية السيليكون باسم “انحراف العملية” (Process Variation)، وهو ظاهرة لا يمكن تفاديها في صناعة أشباه الموصلات، إذ لا وجود للمثالية في عالم الفيزياء. ولهذا السبب، لن تجد نواتين متطابقتين تمامًا في الأداء، حتى لو اقتُطعتا من الرقاقة نفسها أو صُنعتا بالتقنية ذاتها.

تمثل عملية تصنيف السيليكون أهمية كبيرة لمصنعي المعالجات، وهي السبب الرئيسي لوجود معالجات بمستويات مختلفة. وبالطبع، تتميز معالجات الفئة العليا مثل Core Ultra 9 وRyzen 9 بأفضل أنوية السيليكون بالنسبة للمعمارية، بينما تُزوّد الفئات المتوسطة بأنوية ذات جودة متوسطة، وتُخصص الأنوية الأضعف لمعالجات الفئة الاقتصادية.

يحدث ذلك بوضوح عندما يعتمد مصنعو المعالجات على نفس نواة السيليكون لجيل كامل من المعالجات، بحيث يُلغى تفعيل أنوية المعالجة التالفة في بعض أنوية السيليكون وتخصيصها لمعالجات ذات عدد أقل من الأنوية. فمثلًا قد يأتي معالج من الفئة المتوسطة بنفس نوع نواة السيليكون لمعالج من الفئة العليا، مع اختلاف عدد الأنوية نتيجة إلغاء تفعيل بعضها.

يشير يانصيب السيليكون لاختلاف جودة السيليكون، مما يؤدي لاختلاف خصائص التوصيل الكهربائي، وهو ما ينعكس بصورة كبيرة على الجهد “Voltage” والترددات “Clocks”. لهذا السبب، إذا قارنت بين معالجي Core Ultra 9 285K بتعمق، ستجد أن أحدهما أكثر سرعةً، وبرودةً، واستقرارًا من الآخر!

سؤال المليون إطار – هل تهم جودة السيليكون لهذه الدرجة؟

معالج Core Ultra 9 285K – المصدر: ArabHardware

فقط أولئك الذين يعرفون يانصيب السيليكون بصورة سطحية يعتقدون أنه مسألة لا تهم سوى المهووسين بكسر السرعة، ولكن في حقيقة الأمر يمتد تأثيرها للجميع. قد تمكن جودة السيليكون العالية معالجك من تحقيق أداء أسرع، واستهلاك طاقة أقل، وكبح جماح درجات الحرارة، وذلك مقارنةً بنسخة أخرى من المعالج نفسه بجودة سيليكون منخفضة.

إذا أخذنا معالج Core i7-2600K كمثال، سنجد أن معمارية Sandy Bridge مثلت نضوجًا لعمليات التصنيع الحديثة، إلا أنها جاءت مع بعض المتاعب. كسب هذا المعالج قلوب عشاق كسر السرعة، حيث تمكنت النسخ ذات جودة السيليكون العالية من بلوغ ترددات تصل إلى 5GHz، بينما قدمت النسخ ذات جودة السيليكون المنخفضة ترددات لم تتجاوز 4.5GHz حتى مع استخدام طاقة بفولتية مرتفعة.

استمرت هذه الظاهرة خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة، وخاصةً مع معالجي Core i7-4790K وCore i7-8700K. لكن الأمر لم يقتصر على معالجات Intel فقط، بل شمل معالجات AMD أيضًا، حيث استخدمت نوع نواة السيليكون نفسه مع جميع المعالجات بمعمارية Zen، وبالتالي كان يمكن رفع أداء Ryzen 7 1700 ليوازي Ryzen 7 1800X إذا كان يانصيب السيليكون يسمح بذلك!

اليوم، ورغم تطور تقنيات التصنيع، ما زالت الظاهرة مستمرة مع المعالجات الحديثة ولو من دون عمل كسر سرعة. لك أن تتخيل أن معالجًا مثل Ryzen 7 7800X3D لا يمكن كسر سرعته يدويًا بالطرق التقليدية بسبب القيود الحرارية لتقنية التكديس ثلاثية الأبعاد. ومع ذلك، قد يختلف منحنى الجهد للأداء بشكل كبير بين معالجين من الإصدار نفسه.

ضحية أخرى – عذرًا كروت الشاشة ولكن الأمر يمسك أيضًا

كارت الشاشة Gigabyte Aours Master RTX 5080 – المصدر: ArabHardware

ينطبق يانصيب السيليكون على كروت الشاشة أيضًا، حيث يختلف أداء كروت الشاشة بناءً على جودة أنوية السيليكون، ولو كانت من الإصدار نفسه. خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة، كانت عملية كسر السرعة هي الطريقة الأساسية للحصول على أفضل أداء ممكن من كروت الشاشة، وخاصةً في ظل غياب تقنيات رفع الدقة “Upscaling” وتوليد الإطارات “Frame Generation”.

تؤثر جودة السيليكون على كروت الشاشة بدرجات مختلفة، وهو ما تكشفه أرقام تحليل الأداء، فقد حازت جودة السيليكون في كروت شاشة مثل RX 9070 وRTX 3090 على سمعة جيدة بفضل قدرتها على العمل بترددات مرتفعة وجهد منخفض دون مشكلات. لهذا، تمثل جودة السيليكون الفرق بين كارت شاشة يقدم أداءً عاليًا باستهلاك طاقة منخفض، وكارت شاشة لا يقدم شيئًا غير عادي.

نتيجة المسابقة – كيف تعرف أنك فزت في يانصيب السيليكون؟

كارت الشاشة Gigabyte RTX 4090 Gaming OC – المصدر: ArabHardware

من المفترض ألا تواجه المعالجات وكروت الشاشة مشكلةً في العمل بإعدادات التردد والجهد الافتراضية. ولكن إذا واجهت صعوبةً في الحفاظ على الأداء الافتراضي، فقد يشير ذلك لقيود خاصة بالطاقة أو الحرارة، مما يتطلب ترقية مكونات الحاسوب الأخرى لتجاوز هذه القيود.

إذا كان كل شيء يعمل بصورة جيدة بالإعدادات الافتراضية، فيمكن دفع نواة السيليكون لحدودها القصوى عبر تعريضها لكسر السرعة أو خفض الجهد، حيث تشير قدرتها للتعامل مع هذين الأمرين لجودة السيليكون. ولكن عمومًا، نوصي دائمًا بإجراء خفض بسيط للجهد لتحقيق أفضل استفادة من أي شريحة حديثة.

كلمة أخيرة

لا داعي للقلق طالما يعمل معالجك بالأداء المُحدد من المصنع، حيث إن الفوز في يانصيب السيليكون مجرد ضربة حظ وليس معيارًا للأداء. ومع ذلك، فقد يكون إبقاء معالجك باردًا وتعديل إعدادات الطاقة وسيلةً لتحسين الأداء. أما إذا كنت تخطط لكسر سرعة أو خفض جهد معالجك قبل أن تعمد لشراء حاسوبك، فمن الأفضل أن تشتري معالجًا مستعملًا من الفئة العليا أو ترقية معالجك على الأقل، بيد أن ذلك ليس مضمونًا تمامًا.

?xml>

السابق
42 مرة تم وضع النساء في مواقف محرجة من قبل الرجال وتم استدعاؤهن عبر الإنترنت
التالي
39 حقيقة قاسية تعلمها الناس في وقت لاحق من حياتهم ويعتقدون أنه كان ينبغي إخبارهم بها في وقت سابق