- قرر القاضي الفيدرالي أن جوجل يمكنها الاحتفاظ بمتصفح Chrome رغم قضية الاحتكار.
- تم حظر الصفقات الحصرية مع صانعي الأجهزة مع اشتراط مشاركة بيانات محرك البحث.
- رفض القاضي طلب المدعين ببيع متصفح Chrome واعتبر أن النقد تجاوز الحدود.
- القرار يأخذ في الاعتبار تطور محركات البحث المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
في قرار قضائي جديد صدر يوم الثلاثاء الماضي 2 سبتمبر، أيَّد القاضي الفيدرالي أميت ميهتا بقاء شركة جوجل متحكمة في متصفحها الشهير Chrome، ما يمثل خطوة مهمة في نزاع قانوني طويل الأمد يتعلق باتهامات الاحتكار التي واجهتها الشركة.
جاء القرار في إطار قضية مكافحة الاحتكار التي حكم فيها القاضي العام الماضي بأن جوجل انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار عبر تأسيس ما وصفه بـاحتكار البحث على الإنترنت.
رغم تأكيد إيصال الأمر بأن جوجل شركة تحتكر السوق، فقد رفض القاضي إصدار قرار يقضي ببيع المتصفح الأكثر استخدامًا في العالم، وهو ما كان من بين المطالب الرئيسية للجهات الحكومية التي تحاكم جوجل.
حظر الصفقات الحصرية
بالرغم من السماح لجوجل بالاحتفاظ بمتصفح «كروم»، فرض القاضي قيودًا صارمة على الشركة بخصوص الصفقات التي تبرمها مع شركات تصنيع الأجهزة.
قرر القاضي الفيدرالي بطلان كل هذه العقود الحصرية التي تمنح جوجل سيطرة حصرية على متصفحات أو خدمات معينة، مثل كروم ومساعد جوجل وجيميناي، على أجهزة مثل هواتف سامسونج وأبل. فمثلًا دفعت جوجل 20 مليار دولار في عام 2022 ليكون جوجل محرك البحث الافتراضي على سفاري
كما ألمح القرار إلى ضرورة مشاركة جوجل لبيانات محرك البحث مع المنافسين، بغاية تعزيز المنافسة في السوق الذي تهيمن عليه الشركة منذ سنوات طويلة.
أما فيما يتعلق بالمدفوعات التي تقدمها جوجل للموزعين، فرفض القاضي فرض حظر شامل عليها، معتبرًا أن مثل هذا الإجراء قد يسبب أضرارًا إضافية للسوق والمستهلكين، وقد يعيق عمل النظام البيئي للإنترنت.
القاضي يرفض مطالب المدعين
يأتي هذا القرار بعد أشهر من الانتظار والترقب في أوساط صناعة التكنولوجيا والقانون، إذ كانت الجهات المدعية قد طالبت قبل أشهر بعقوبات أشد.
كان أحد المقترحات الرئيسية للمدعين هو إجبار جوجل على تفكيك أصولها وبيع متصفح «كروم»، ومنع الشركة من دخول سوق المتصفحات مجددًا لمدة خمس سنوات.
لكن القاضي اعتبر أن هذا الطلب يعد طلبًا مبالغًا فيه ويؤدي إلى تفكيك أصول رئيسية لشركة تعتبر جزءًا كبيرًا من البنية التحتية الرقمية. وفي حكمه الذي تجاوز 230 صفحة، أشار القاضي إلى أن البرمجيات متداخلة بشكل معقد وأن إجبار البيع قد يسبب أضرارًا غير محسوبة للسوق بأكمله.
وقد استقبل مجتمع الأعمال هذا القرار بترحيب واضح، حيث شهدت أسهم جوجل ارتفاعًا في تداولات ما بعد وقت العمل، ما يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الشركة على الاستمرار في السوق دون الحاجة إلى تفكيك أو بيع أصولها الأساسية.
جدير بالذكر أن شركة Perplexity كانت متحمسة جدًا لفكرة بيع كروم وأرادت شراؤه مقابل 34.5 مليار دولار!
دفاع جوجل وتأكيدها على جودة المنتج
خلال جلسات المحاكمة التي بدأت في 2023، دافعت جوجل بقوة عن ممارساتها وموقفها، مؤكدة أن الهيمنة التي تمارسها في سوق البحث لم تأتي عبر ممارسات غير قانونية أو مناهضة للمنافسة، بل كانت نتيجة طبيعية لإنتاج وتحسين منتج أفضل يلبي توقعات المستخدمين بشكل أكبر.
أوضحت الشركة أن استحواذها على نحو 90% من السوق الأمريكية لمحركات البحث تم عبر منافسة حقيقية معتمدين على الجودة والكفاءة وليس فقط من خلال صفقات حصرية.
محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي
في الجزء الأخير من الحكم، ركز القاضي “ميهتا” على التطورات السريعة التي يشهدها سوق البحث على شبكة الإنترنت، لا سيما مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي ومحركات البحث التفاعلية التي تعتمد على تقنيات الدردشة والتوليد الآلي للمحتوى.
كما شدد في حكمه على أهمية ضبط وتنظيم المنافسة ليس فقط في نطاق محركات البحث التقليدية، بل وامتدادًا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بدأت جوجل نفسها تطورها وتسعى للهيمنة عليها، مثل Gemini.
ملفات مفتوحة وقضايا مستقبلية
لم تنتهِ القضايا التي تواجه جوجل عند حدود محرك البحث ومتصفح Chrome، إذ تواصل الحكومة الأمريكية ملاحقتها للشركة في قضايا أخرى متعلقة بمكافحة الاحتكار، وخاصة في مجال تقنيات الإعلان عبر الإنترنت.
تخضع جوجل لجلسات استماع منفصلة خلال هذا العام تتناول ممارساتها في سوق الإعلانات الرقمية، والتي من المتوقع أن تكون لها تأثيرات واسعة على استراتيجيات الشركة وسلوكها في السوق.
مستقبل صناعة التكنولوجيا
يشكل هذا القرار القضائي نقطة مفصلية في مسيرة مكافحة الاحتكار في القطاع التقني، حيث يُظهر التوازن الدقيق الذي يحكم بين حماية المنافسة وبين استدامة الابتكار والاستثمار في تطوير المنتجات.
فبينما تؤكد القضية ضرورة التقليل من الممارسات التي تقيد دخول المنافسين الجدد إلى السوق، تعكس الرؤية القانونية أيضًا وعيًا بالتعقيدات التكنولوجية الحديثة التي تجعل من عمليات التفكيك خطوة قد تكون كارثية على تطور الخدمات الرقمية.
في نهاية المطاف، تبقى المعركة القانونية ضد احتكار جوجل مستمرة، مع مواجهات حاسمة مرتقبة ستحدد المستقبل التنظيمي ليس فقط للشركة بل لصناعة التكنولوجيا بأكملها.
?xml>