تنطلق فعاليات معرض (جيتكس جلوبال 2025)، أكبر حدث عالمي في مجالي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في مركز دبي التجاري العالمي خلال المدة من 13 إلى 17 أكتوبر، ليجمع تحت مظلته نخبة من قادة التقنية وصناع القرار، الذين يرسمون ملامح خريطة جديدة لمستقبل الابتكار والأمن السيبراني في تلاقي عصر الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية.
وفي هذه اللحظة المحورية التي يتسابق فيها العالم الإدماج الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات، تشير تقارير (ماكينزي) إلى أن 92% من الشركات العالمية ستُسرّع استثماراتها في الذكاء الاصطناعي خلال عام 2025، ويضع هذا الزخم غير المسبوق ضغوطًا ضخمة على المؤسسات لتحويل الإنفاق التكنولوجي إلى قيمة أعمال ملموسة ومستدامة.
وفي ظل تحديات الاستدامة، وأمن البيانات، والحاجة الملحة إلى تأهيل الكوادر البشرية، يتحول (جيتكس جلوبال 2025) إلى منصة حاسمة يشارك فيها قادة التقنية العالمية لرسم خريطة طريق واضحة تتجاوز مرحلة التجربة نحو التطبيق الإستراتيجي.
وتركز النقاشات في المعرض على ثلاثة محاور محورية، تُعدّ أساس النجاح في العصر الرقمي الجديد، وهي: تحويل التعقيد التقني إلى ميزة إستراتيجية (القيمة والابتكار)، وصياغة مستقبل البنية التحتية الكمّية، وتأمين البيانات ومواجهة التهديدات السيبرانية المعززة بالذكاء الاصطناعي.
وتُعدّ هذه الحوارات ضرورية لاستشراف مستقبل الصناعة، إذ تتشابك فيها التحديات الأساسية، وهي: السرعة مقابل الاستدامة، والتوسع مقابل المرونة، والنماذج الراسخة مقابل المفاهيم الصاعدة.
من الذكاء الاصطناعي الصناعي إلى إستراتيجيات الرقاقات الإلكترونية:
ينتقل تركيز الشركات الكبرى من مجرد تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إدماجها العميق في النماذج التشغيلية، بهدف توليد قيمة حقيقية ومستدامة.
وفي هذا السياق الحيوي، يقدم بيتر كويرتي، الرئيس التنفيذي للتقنية والإستراتيجية في سيمنس، رؤية شاملة حول كيفية تحويل التعقيدات المتأصلة في الذكاء الاصطناعي الصناعي (Industrial AI) إلى ميزة تنافسية حاسمة في السوق العالمية.
وبالانتقال إلى بُعد المستقبل، يحوّل زولفي علام، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الكمّية في مايكروسوفت، النقاش نحو رأس المال البشري. ويوضح علام ضرورة التعاون الإستراتيجي بين القطاعات الأكاديمية والحكومية والشركات لضمان بناء قوى عاملة مؤهلة ومبتكرة لعصر الحوسبة الكمّية.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، يمثل وسيم شربجي، رئيس كوالكوم لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، صوت شركات تصنيع الرقاقات الإلكترونية، إذ يقدم رؤى محورية حول تحقيق الازدهار الاقتصادي من خلال المواءمة الدقيقة بين إستراتيجيات الرقاقات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي.
كما تكشف آنا باولا أسيس، النائب الأول للرئيس ورئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والأسواق الناشئة في (آي بي إم)، عن رؤية متكاملة لمستقبل الأعمال والحوكمة في العصر الذي تلتقي فيه قوى الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية، مؤكدةً خطط (آي بي إم) الطموحة لتوسيع بنيتها التحتية المزدوجة في أكثر من 100 دولة.
سرعة الابتكار وتحديات البنية التحتية المستدامة:
تتجاوز نقاشات (جيتكس جلوبال 2025)، حدود الذكاء الاصطناعي الحالي لتشمل مفاهيم تقنية صاعدة مثل الحوسبة الكمّية والشبكات العصبية الجديدة، مع إيلاء اهتمام خاص لرأس المال البشري.
ويشهد المعرض حضورًا واسعًا لقادة الشركات التقنية المليارية، الذين يعيدون رسم ملامح الاقتصاد المستقبلي للذكاء الاصطناعي. إذ يشارك أندرو فيلدمان، الرئيس التنفيذي لشركة سيريبراس (Cerebras)، في كشف إستراتيجية التحول الناجحة التي قادت شركته من مرحلة الانطلاق إلى الإدراج العام، مسلطًا الضوء على مسار نمو شركات الذكاء الاصطناعي.
في حين، يطرح جريج جاكسون، الرئيس التنفيذي لشركة أوكتوبوس إينرجي (Octopus Energy) المليارية (بتقييم 10 مليارات دولار أمريكي)، تساؤلات جوهرية حول مفارقة الطاقة والذكاء الاصطناعي، مشككًا في استدامة سباق تطوير البنى التحتية الحالية بالمعدلات الاستهلاكية الراهنة.
وفي محور الابتكار الجذري، يكشف رامين حسني، الرئيس التنفيذي لشركة ليكويد إيه آي (Liquid AI)، عن ابتكار علمي يتمثل في الشبكات العصبية السائلة. ويَعد هذا التطور العلمي، المستوحى من دماغ دودة مجهرية، بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تكيفًا ومرونة وكفاءة، مما يعيد تعريف نماذج التعلم الآلي.
الأمن السيبراني في زمن الذكاء الاصطناعي التوليدي:
يُشكل الأمن السيبراني جبهة جديدة وحاسمة في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 إلى ارتفاع متوسط عدد الهجمات الأسبوعية بنسبة تبلغ 58% خلال عامين، نظرًا إلى استخدام القراصنة المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات تصيّد متقدمة وتطوير أكواد خبيثة معقدة.
وفي ظل هذا التطور؛ تتخذ النقاشات حول الأمن السيبراني أهمية قصوى. لذلك، يعرض سعادة الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني في حكومة دولة الإمارات، دور الذكاء الاصطناعي كأداة دفاعية حاسمة في حماية البنية التحتية الحيوية للخدمات العامة. كما يوضح إستراتيجية الدولة الطموحة لتأمين اقتصاد رقمي بقيمة تبلغ 500 مليار دولار أمريكي يتمتع بمستوى اتصال يبلغ 99%.
ومن جانبها، تشارك سعادة ليزا-لي باكوستا، وزيرة العدل والشؤون الرقمية في إستونيا، وهي دولة رائدة في الحوكمة الإلكترونية على مستوى الاتحاد الأوروبي، لتسليط الضوء على الاستجابات الوطنية الناجحة لمواجهة التهديدات السيبرانية التي يعززها الذكاء الاصطناعي.
وفي خطوة لتوسيع نطاق الحوار العالمي، ينضم أندريه مولينا، أمين الأمن السيبراني وأمن المعلومات برئاسة جمهورية البرازيل، لتقديم منظور أمريكا اللاتينية حول تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الخدمات العامة وتدعيم الدفاعات السيبرانية، بدءًا من البنية التحتية ووصولًا إلى حماية الهوية الرقمية للمواطنين.
(جيتكس جلوبال 2025) يعيد التوازن بين الطموح والمسؤولية:
يرسم معرض (جيتكس جلوبال 2025) صورة متكاملة لمستقبل الذكاء الاصطناعي، إذ تتقاطع رؤى القادة العالميين عند نقطة محورية واحدة تتمثل في أن القيمة والابتكار والأمن الرقمي لم تَعد مسارات منفصلة، بل تمثل أضلاع مثلث واحد يقود مستقبل الاقتصاد العالمي.
وفي عالم تتسارع فيه التحولات التقنية بوتيرة غير مسبوقة، يبقى التحدي الأكبر هو تحويل الذكاء الاصطناعي من أداة تقنية إلى منظومة متكاملة للابتكار المسؤول والتنمية المستدامة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط