- ساتيا ناديلا يحذر من فقدان مايكروسوفت مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي.
- موظفون يشتكون من ثقافة خوف وتسريح آلاف العاملين.
- مايكروسوفت تستثمر بكثافة في تدريب نماذج ذكاء اصطناعي كبرى.
- العلاقة مع OpenAI تتغير مع السماح باستخدام سحابات منافسة.
طرح الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا أسئلة وجودية حول مستقبل شركته في ظل التحولات الجذرية التي يقودها الذكاء الاصطناعي.
فخلال لقاء داخلي مع الموظفين اعترف ناديلا بأن بعض أعمدة مايكروسوفت التي حققت نجاحات كبرى قد لا تغدو بنفس الأهمية في السنوات القادمة، مشيرًا إلى أن استمرار الشركة ليس أمرًا مضمونًا بل يتطلب تجديدًا دائمًا وقدرة على التكيف مع التغيير.
شبح الماضي يلاحق الحاضر
روى ناديلا قصة شخصية تكشف حجم هواجسه، حيث استحضر تجربة Digital Equipment Corporation التي قادت سوق الحواسيب المصغرة في السبعينيات لكنها انهارت أمام المنافسة والأخطاء الاستراتيجية.
كما اعترف بأن أول حاسوب تعامل معه كان من طراز VAX، وأن حلمه في شبابه كان الانضمام لتلك الشركة التي انتهى بها المطاف إلى الزوال. وقد شكَّل هذا المثال بالنسبة له تحذيرًا واضحًا بأن أي مؤسسة مهما بلغت قوتها قد تختفي إذا لم تجدد نفسها باستمرار.
ثقافة الخوف داخل مايكروسوفت
إضافة إلى ذلك، فقد تحدث موظفون كثر عن تراجع الروح الإيجابية داخل مايكروسوفت، حيث يرون أن بيئة العمل أصبحت أكثر برودة وجمودًا. ويربط البعض هذا الشعور بالخوف الذي يعيشه كبار المسؤولين أنفسهم، خصوصًا مع موجات التسريح التي شملت تسعة آلاف موظف في يوليو الماضي.
اعترف ناديلا بأن الإدارة يمكنها أن تفعل أفضل مما هو قائم، لكنه لم يقدم خطة واضحة لمعالجة هذه المخاوف، مكتفيًا بوعود غامضة عن تحسين الأداء المؤسسي.
تحديات التجديد والنجاة
أشار ناديلا أيضًا إلى أن الاستمرار يتطلب عملية تجديد عميقة تشمل التعلم ونبذ ما لم يعد صالحا، حتى لو كان جزءًا من هوية الشركة التاريخية.
كما أكد أن السوق لا يمنح أي مؤسسة تصريحًا دائمًا للبقاء، بل يفرض عليها أن تثبت يوميًا أنها تقدم قيمة حقيقية وابتكارات نافعة. يعكس هذا الخطاب إدراكًا بأن مايكروسوفت، رغم قوتها المالية ومكانتها، تواجه مرحلة مفصلية قد تعيد رسم مستقبلها بالكامل.
هاجس تفويت الفرص
تعلمت مايكروسوفت من إخفاقها الكبير في سوق الهواتف الذكية، وهو ما وصفه بيل غيتس ذات يوم بأكبر خطأ في مسيرته. واليوم يدرك ناديلا أن الخطأ نفسه لا يمكن أن يتكرر مع الذكاء الاصطناعي.
فإذا كانت تقنيات مثل Office أو Excel أو PowerPoint حافظت على ولاء المؤسسات لعقود، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي بدأت تهدد هذه الركائز عبر قدرتها على إنشاء جداول وشرائح ومستندات بشكل مستقل، مما يضع مستقبل هذه المنتجات على المحك.
صراع بين الماضي والمستقبل
يصر ناديلا على أن التمسك بإنجازات الماضي لم يعد خيارًا، مؤكدًا أن الأرباح التي تجنيها مايكروسوفت من برمجيات الإنتاجية قد تتآكل سريعًا. وقد شدد على ضرورة الاستثمار في المنصات الجديدة والتصميمات الحديثة، معتبرًا أن الفوز في المستقبل أهم بكثير من الدفاع عن أمجاد سابقة.
هذه الرؤية تمت ترجمتها إلى تغييرات إدارية متسارعة وموجات تجديد وظيفي لم يسلم منها حتى كبار الموظفين.
تغييرات في القيادة وتوسيع دور Copilot
شهدت الشركة مؤخرًا ترقيات لعدد من قادتها البارزين. فقد تمت ترقية Charles Lamanna إلى منصب رئيس، بعد أن لعب دورًا محوريًا في تعزيز مكانة Business Copilot في بيئة Microsoft 365.
كما حصل Pavan Davuluri على منصب مماثل تقديرًا لجهوده في تطوير Windows وSurface. تكشف هذه التغييرات أن مايكروسوفت تعيد رسم هيكلها القيادي بما يتلاءم مع أولويات الذكاء الاصطناعي.
استثمارات ضخمة في التدريب والنماذج
من جهة أخرى، أعلن مصطفى سليمان رئيس الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت أن الشركة تضخ استثمارات هائلة في قدرات الحوسبة المخصصة لتدريب نماذج جديدة تضاهي جهود جوجل وميتا وxAI.
كما أوضح أن البنية التحتية التي يجري إعدادها ستكون أضخم بستة إلى عشرة أضعاف من تلك التي استخدمت في تدريب نموذج MAI-1-preview. يؤكد هذا الاستثمار رغبة مايكروسوفت في أن تكون لاعبًا رئيسيًا في سباق النماذج الكبرى.
علاقة معقدة مع OpenAI
رغم استثمار مايكروسوفت الهائل في OpenAI والذي تجاوز 13 مليار دولار، فإن العلاقة بين الطرفين تشهد تحولات جديدة قد تمهد لطرح OpenAI في البورصة.
فقد سمح الاتفاق الأخير للشركة الناشئة بالاعتماد على مزودين سحابيين منافسين، في خطوة تشير إلى أن العلاقة لم تعد حصرية كما كانت، لكنها ما تزال محورية في إستراتيجية مايكروسوفت.
مفارقات السياسة والاقتصاد
بينما تستثمر مايكروسوفت عشرات المليارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بالمملكة المتحدة، فإنها تواجه في الوقت نفسه انتقادات حادة بسبب إنهاء دعم ويندوز 10، إضافة إلى اتهامات متكررة من جهات أوروبية بالممارسات الاحتكارية.
كما ظهرت مؤخرًا توترات مع إيلون ماسك الذي لم يتردد في السخرية من مستقبل الشركة والدعوة لمحاسبة موظفيها على آرائهم، عقب اغتيال الإعلامي الأمريكي المتطرف تشارلي كيرك.
اختبار البقاء في عصر التحول
تكشف هذه الصورة المركبة أن مايكروسوفت تقف عند مفترق طرق. فمن جهة، تحتفل الشركة بخمسين عامًا من التاريخ المليء بالنجاحات، لكنها من جهة أخرى، تواجه أخطر اختبار وجودي لها.
فإما أن تنجح في قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي وتعيد تشكيل نفسها بما يتناسب مع المستقبل، أو تتراجع لتلتحق بقائمة شركات عظيمة انهارت لأنها لم تدرك خطورة التحول في الوقت المناسب.
?xml>